السبت، 23 فبراير 2019

ما لكم كيف تحكمون


ما لكم كيف تحكمون
صدق الله العظيم حينما قال في سورة القلم
أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37)
لا جدال في أنه من أصعب الوظائف وأخطرها واشقها وارهقها على العقل والجسد هي تلك الأعمال السيادية التي تتطلب من القائم عليها العمل بكامل قواه العقلية والجسدية ليل ونهار في خدمة الناس فيشقى هو ويرتاح الناس ومنها قالت العرب قديما (خادم القوم سيدهم) وهذا التعبير صحيح طالما يسهر المرء على خدمة الناس وراحتهم فهو بالضرورة سيدهم بما يقدمه من خدمة لهم والعكس ليس صحيح فسيد القوم لن يكون خادمهم بأي حال من الأحوال وغاليا ما يأنف السبد من الخدمة الناس فالسادة لا يخدمون الرعاع أو العبيد بل يشمئزون منهم ويحتقرونهم وهذه ثقافة يتشربها السيد بالتربية منذ نعومة أظفاره.
الغريب هنا في قانون التقاعد الذي لا يطبق على تلك الاعمال او الوظائف بينما تجده يطبق في عموم الدولة على وظائف او أعمال سهلة مريحة غير مرهقة لا تحتاج إلى قوة عقلية او جسدية يحكمها روتين يومي متكرر بالكاد يجد فيه جديد.
فلا يخفى على الجميع بأن جميع الوظائف في العالم تخضع لقانون التقاعد ما عدا وظيفة رئيس الدولة والوزراء وما في حكمهم لا يخضعون لهذا القانون للأسف … وبالذات في الدول المتخلفة مثلنا.
ولو موظف بسيط أصيب بجلطة دماغية أو قلبية أو مرض عوضال يسند له عمل خفيف علماً بأن عمله في الاصل خفيف مقارنة بعمل الرئيس أو الوزير أو تتم إحالته للجنة طبية لتحديد العجز وتحويله الى التقاعد وهذه الإجراءات للأسف لا تنطبق على الرؤساء والوزراء ومن في حكمهم.
كما لا يخفى على الكثير بأن قانون التقاعد سن في الدول لأسباب منها عدم قدرة الفرد العقلية أو الجسدية على تأدية مهام الوظيفة مثل التقدم في السن أو الإعاقة كما سن لغرض تدوير العمالة وتجديدها وضخ دماء شابة بأفكار جديدة ونشاط وحيوية متجددة.
وهنا يجب أن نسأل ما بالكم كيف تحكمون؟!
لماذا وكيف يطبق قانون التقاعد على فئة من الشعب دون فئة أخرى؟! أليست هذه عنصرية؟!
اليس القانون قاعدة عامة مجردة يجب أن يخضع لها الجميع؟!
أليس من باب أولى أن يخضع لهذا القانون أصحاب الوظائف الكبير والصعبة التي تحتاج إلى مجهود عقلي وجسدي وليس أصحاب الوظائف الصغيرة السهلة؟!
لماذا يخضع لقانون التقاعد موظف بسيط لا يحتاج عمله أكثر من قراءة الورقة وفهمها تم التوقيع عليها لإنهاء عمل روتيني يزاوله على طول حياته الوظيفية؟!
إذا طبقنا هذا القانون على جميع فئات الشعب دون تمييز ألا ترى بأننا سنتخلص من كثير من العاهات في العالم مثل ترمب وبوتفليقة والباجي والسيسي والبشير وغيرهم نحن لا نعلمهم الله يعلمهم.
سألت أحد الجزائريين (كيف لبوتفليقة أن يؤمر أعوانه ويوزع الأدوار والمهام على من حوله ويقرأ ويفهم ويوقع المراسيم وهو في هذه الحالة؟!).
قال لي بكل بساطة (أنه يوحي إليهم وحيا … فتراهم خاشعين مطيعين لا يعصون له امرا).
قلت استغفر الله ربي سبحانه رب العزة عما يصفون.
فقال لي بغضب (أذن قل لي انت كيف؟!).
أخيراً: هل سنرى نسخة ليبية من بوتفليقة قريبا؟!... ربما.

لذلك نطالب … بتطبيق قانون التقاعد على جميع أفراد الشعب ابتداء من أعلى منصب في الدولة الى أصغر منصب في الدولة حتى لا يتحقق فينا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم  ((إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد)).