حكامنا الجدد
عاشوا جل حياتهم في الغرب المرفه المتحضر، حياة مدللة سهلة ميسرة دون تعقيد
أو مشاكل صعبة عميقة تحتاج إلي حلول مبتكرة. ومن كان خصم معتبر للطاغية ويشكل خطر حقيقي
على سلطانه يغتال بدم بارد.
حكامنا الجدد تعلموا العلوم الحديثة في مجتمعات غربية متقدمة ابتكرت حلول لمشاكلها
منذ زمن ووضعتها في نظريات، بالطبع درسوا بعض علمائنا الأجلاء هذه المشاكل وحلولها
على الورق ولم يعاصروها أو يعايشوها.
_ فهل فهموها وفقهوها أو مارسوها فخبروها؟!.
حكامنا الجدد لهم ريادة في الكفاح من اجل الحرية ضد الطاغية. ولكن كان هذا الكفاح
من وراء اسوار غربية عالية ومن فوق ابراج مشيدة وبسلاح من دهب. لذلك كان كفاحهم من
اجل ليبيا كفاح المرفه المدلل المحمي من الدولة التي يعيش فيها. ولم يكن ينغص عليه
متعة الكفاح إلا ألم الغربة.
حكامنا الجدد يعيشون معنا في ليبيا وهم حكام فقط، أما كمواطنين فهم سرعان ما
يشتاقون لحياتهم المدللة في الخارج ولرواتبهم الضخمة فبمجرد أن يتحول من حاكم إلي مواطن
يشد الخطى إلي حيث الأمن والحضارة والرفاهية دون وجع رأس أو مشاكل أو تعقيد، بل بعضهم
نعت الشعب بالجاهل ورجع من حيت أتى بعد أن انتهت ولآيته.
الشعب الليبي ليس جاهل وإنما شعب طيب جداً جداً ومن طيبته قدم حسن الطوية في
الذين ظن أنهم متعلمين سيحققون أحلامه في الحرية والديمقراطية، إلا أن الواقع والتجربة
العملية اثبتت عكس ذلك تماماً.
أحد حكامنا الاستراتيجيين الجدد: حكم ليبيا من الخارج بالمراسلة حين كان الكفاح
في أوجه والحرب مستعرة وليبيا بأمس الحاجة له رغم كل الضمانات التي قدمت له بأن بنغازي
أمنة ولا خوف عليه.
ورغم كل شيء كان لليبيا رجالها الغير مدللين الذين عاشوا معنا في الضراء والسراء.
أدارو الثورة والحرب من الداخل وتحملوا المسئولية كاملة ولم يخافوا ولم يهنوا ولم يحزنوا.
مثل الشيخ/مصطفى عبد الجليل والدكتور/علي العيساوي.
حكامنا الجدد لم يقفوا في طابور الجمعية والخبزة وطابور الأسواق العامة؟ ...
ولم يخدموا الخدمة الالزامية والخدمة الوطنية، أو الخدمة الإنتاجية، أو العسكرية وفي
المدارس؟ ... ولم ينقلوا جالونات المياه الحلوة؟ ... ولم يحلموا مراراً وتكراراً بسلفه
أو قرض ربوي، أو علاج بالخارج؟ ... لم ينتظروا بلا جدوى التعيين، أو استلفوا ثمن خروف
العيد؟ ... حكامنا الجدد لم ينتظروا الباص الذي لا يأتي تحت أشعة الشمس وزمهرير البرد
والمطر؟ ... ولم يركبوا الإفكو والقلعة؟ ... حكامنا الجدد لم يعيشوا معنا مرارة البنية
التحتية المتهالكة، وهطول القوانين الجائرة، ومجازية العقيد الطائشة، وطغيان اللجان
الثورية الفاسدة ... ناهيك عن الإرهاب الذي كنا نعيشه في مؤسساتنا ومدرسنا وجامعاتنا
أيام 7 أبريل وأحمد أبراهيم ورمضان بشير وسالم المشاي ... وهم لم يعيشوا معنا داخل
سجن كبير أسمه ليبيا ممنوعين من السفر إلا بموافقة أمنية وبتصريف عملة 100 دينار للجواز
على مدى سنة كاملة.
حكامنا الجدد لا يهمهم الآن إلا تسجيل اسمائهم في سجل تاريخ ليبيا وهم سادة
كحكام فقط ومن دون عناء، وغنيمة ما خف وزنه وغلا ثمنه، ولا يهم أن أنجزوا أو لم ينجزوا،
أو خدموا الشعب أو لم يخدموا.
لك الله يا شعب ليبيا
مصائب الدهر كفي ******** إن لم تكفي فعفي
خرجت أطلب رزقي ******** وجدت رزقي توفي
فلا برزقي أحظى ******** ولا بصنعة كفي
كم جاهل في الثريا ******** وعالم متخفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق