اعصبوها برأسي وقولوا جبن عتبة
قال رسـول الله صـلى الله عليـه وسلــم «الحكمة ضالة المؤمن أنى
وجدها يأخذها» حتى وأن كانت هذه الحكمة من كافر...وعبارة "اعصبوها برأسي
وقولوا جبن عتبة" هي حكمة رغم ما فيها من ذل وعار لصاحبها، آثر فيها الأمان
والسلام والصلح على حرب الأهل.
كان الرجل حكيماً، فعندما أفلتت قافلة قريش من قبضة المسلمين
قال مادام القافلة بأمان ما لنا ولقتال محمد ... ما لنا ولحرب يقتل فيها، الأب
أبنه، والأخ أخيه، وأبن عم عمه، "اعصبوها برأسي وقولوا جبن عتبة".
كان يشكل عدد المسلمين وعدتهم ما يقدر بثلث عدد كفار قريش
وقوتهم تقريباً ورغم قوة قريش وكثرتهم، وضعف المسلمين وقلتهم، هزمت قريش في بدر شر
هزيمة... لماذا حدث ذلك...؟!
لأن زعماء قريش الجهلة المكابرون وفيهم أمام الجهل أبو جهل،
غرتهم كثرتهم وقوتهم، وأخذتهم العزة بالإثم ولم يستمعوا إلى حكمائهم أو حكيمهم،
الذي قدر الموقف حق تقدير وكان يتحسب إلى عواقب الأمور ويملك رؤية واضحة وشاملة، ولكن
العناد والجهل عمل عمله، فأسر من أسر وقتل من قتل بل قتل أشرافهم وساداتهم ولم
يبقى منهم إلا القلة، وبذلك حل الذل والهوان والمسكنة بقريش.
أسوق هذه القصة للعبرة _ لأقول لكل مجادل ومعارض شغله الشاغل
المعارضة والمعارضة فقط، أرجوكم استمعوا إلى قول حكمائكم فلا يغرنكم بأن ثلثين
الدولة تحت سيطرتكم بما فيها العاصمة طرابلس، فيورطكم الجهلاء بمن فيهم أبو جهل في
صراع مرير، وقتال كبير يشرد الأهالي ويشتت العائلات ويقسمها.
_ أقول للرجل الذي أتاه
الله الحكم وأعطاه مال وبنين، لا تكابر ولا يغرنك بالله الغرور، وتأخذك العزة بالإثم، يكفي عناداً ومجادلة ولا تطمع بأن الله سيزيد، وأنظر إلى الوطن بنظرة ثاقبة
وشاملة وبعين الحكيم العارف، حتى تعلو وتسمو بالوطن ولم الشمل، ولتكن مصلحة الوطن
فوق كل اعتبار وليس مصالح شخصية آنية.
_ كما أقول لأعضاء
المؤتمر الوطني اذكروا نعمة الله عليكم أذ كنتم خارج الحكم فأرجعكم إليه بعد نهاية
ولايتكم، وزيادة في النعمة بعد الاتفاق على حكومة الوحدة ستمتد ولايتكم إلى 2017،
أي ستكون مدة ولايتكم كاملة خمس سنوات على الأقل ابتداءً من 2012 _ "وَأَمَّا
بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" _ وهي نعمة لم يحلم بها أكثر المتفائلين منكم
في الحلم، لذلك ليكون السلام والصلح والأمن وخير الوطن هو هدفكم الأول والأخير، والصلح
خير كما قال الله تعالى «وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّح» وهي
سنة الله من سننه الحاكمة أو كما قال "فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً
وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً" ... فالصلح مهما كان في ظاهره
سيء فهو خير في مجمله، بالذات للطرف الذي ينوي ويضمر النية الحسنة وتهمه مصلحة
الأمة فقط، حتى وأن كانت اتفاقية الصلح مجحفة في حقه قد تنازل فيها صاحب الحق عن
حقه، وفي صلح الحديبية دروس وعبر.
_ وأخيراً رغم أننا لم
نختبرها أو نجربها، لنفترض جدلاً أن هذه الحكومة سيئة أو تشكلت من أشخاص سيئين _ لأنها
لم تتشكل حسب ظننا وهونا _ وهي على الأقل بالنسبة لي كذلك؛ ولكن...أليس
حكومة وحدة وطنية عمرها سنتين على الأكثر تلم الشمل وتوحد الوطن حتى وأن كانت سيئة،
خير وأفضل بمراحل من حالة الانقسام والتشظي واللجوء والتناحر التي نحن فيها؟!!
_ لذلك "اعصبوها برأسي
وقولوا جبن عتبة"
_ علماً بأن رئاسة
الحكومة تتكون من ستة أعضاء لهم نفس الوزن في اتخاذ القرار، أي لن يتخذ القرار
بشكل منفرد من قبل رئيس الحكومة فقط، وهذا يعني بأنه لم تسلم الدولة لشخص واحد يدير شؤونها
كيفما شاء ويتفرد بالسلطة، وإنما قيدت سلطة رئيس الحكومة بالمشاركة والتشاور.